إن الحداثة -وفق ماذكرنا في هذا الكتاب – تعد الحجر الأساسي للتوثيق العدلي راهناً ومستقيلاً، و”قضية الحداثة” في مجتمع وتجمع .هني يغلب عليه طابع الفقهاء هي قضية حساسة جداً، وعلى درجة كبيرة من الأهمية على الصعيدين الفقهي والاجتماعي.
وعليه تكون “الإحاطة العلمية” بالمنظور الحداثي للتوثيق العدلي وملابساته التاريخية وجفرافيته الفكرية والبشرية ذا جدوى، بل أولى وأحق في تصحيح وتصويب مساره الاصلاحي ومداراته المستقبلية.
ومحور الإحاطة العلمية هنا، تبدأ من الإجابة على السؤال المركزي : ما معنى أن يكون التوثيق العدلي حداثياً ؟
فالمبنى يخبر عن البناء.. !! وفي الجواب نخطو خطوة نحو الفهم والوعي و الشعور بالمسؤولية تجاه المهنة، وحركة التاريخ .. فإنه متى وفقنا أن نجتاز “مرحلة الإنتقال” بنجاح، فإننا سنكون صناع الحاضر والمستقبل، وزبدة “الإنتقال” تقع تحت إطار مقولة “الوعي” لا مقولة “المكتسب”، إذ الأولى أعم وأفيد من الثانية في ساحة المدافعة، إضافة إلى أنها ” معيارية” قبل أن تكون “وصفية” حسب الإصطلاح المنهجي .. لأن مبتغاها ومقصدها هو “التغيير” لا ” التحليل و التفسير”، ومن هنا يكون “الوعي” بالذات وبالمرحلة و متطباتها : الدينامية الأساسية والوقود المركزي لإثبات الوجود المهني والحضاري.